للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا (الوقوف على الغاية في كلِّ حينٍ)، فهو التطلُّب والسفر إلى الغاية المقصودة بالمسموع التي (١) جُعل وسيلةً إليها، وهو الحقُّ سبحانه، فإنَّه غاية كلِّ طلبٍ، {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: ٤٢]. وليس وراء الله مرمى، ولا دونه مستقرٌّ، ولا تقَرُّ العينُ بغيره البتَّة، فكلُّ مطلوبٍ سواه فظلٌّ زائل وخيال مفارق (٢)، وإن تمتَّع به صاحبه فمتاع الغرور.

وأمَّا (الخلاص من التلذُّذ بالتفرُّق)، فالتفرُّق في معاني المسموع وتنقُّل القلب في منازلها يوجب له لذَّةً، كما هو المألوف في الانتقال، فيتخلَّص من لذَّة تفرُّقه التي هي حظُّه إلى الجمعيَّة على المسموع به ومنه وله.

ولم يقل الشيخ - رحمه الله -: «الخلاص من التفرُّق»، فإنَّ المسموع إنّما يُدرَك معناه ويُفهَم بالتفرُّق لتنوُّعه، ولكن ليتخلَّصْ من لذَّته ــ لا منه ــ لئلَّا يكون مع حظِّه. وهذا من ألطف أحوال السامعين المخلصين.

فصل

قال (٣): (وسماع خاصَّة الخاصَّة: سماعٌ ينفي العلل عن الكشف، ويصل الأبد إلى الأزل، ويردُّ النِّهايات إلى الأول).

فالكشف هو مكافحة (٤) القلب لحقيقة المسموع. وعلله أمران:


(١) كذا في جميع النسخ، وهو صواب لا إشكال فيه، أي: الغاية التي جُعل المسموعُ وسيلة إليها. وغيَّره الفقي ومحقق طبعة الصميعي إلى: «الذي».
(٢) في ع زيادة: «مائل».
(٣) «منازل السائرين» (ص ١٨).
(٤) أي: مكاشفته، من قولهم: «كَفَحه» إذا كشف عنه غطاءَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>