للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: الشُّبه التي تنتفي بهذه المكافحة، فلا يبقى معها شبهةٌ. وهذا (١) هو عين اليقين.

والثاني: نفي الوسائط بين السامع والمسموع، فيغيب بمسموعه عنها ويفنى عن شهودها، ويفنى عن شهود فنائه عنها، بحيث يشهده هو المُسْمِع لا الواسطة، وهو البادي، فمنه الإسماع ومنه الهداية، ومنه الابتداء وإليه الانتهاء.

وأمّا وصله الأبد إلى الأزل، فهذا إن أُخذ على ظاهره فهو محالٌ، لأنَّ الأبد والأزل متقابلان تقابلَ التناقُض، فاتصال أحدهما بالآخر عين المحال، وإنَّما مراده أنَّ ما يكون في الأبد موجودًا مشهودًا فقد كان في الأزل معلومًا مقدَّرًا، فعاد حكم الأبد إلى الأزل علمًا وحقيقةً، وصار الأَزليُّ أبديًّا، كما كان الأبديُّ أزليًّا في العلم والحُكم.

وإيضاح ذلك: أنَّ الأبد ظهر فيه ما كان في (٢) الأزل خافيًا، فانتهى الأمر كلُّه إلى علمه وحكمه وحكمته، وذلك أزليٌّ. وهذا هو ردُّ النِّهايات إلى الأوَّل، فتصير الخاتمة هي عين السابقة، والله تعالى هو الأوَّل والآخِر، وكلُّ ما كان ويكون آخرًا فمردودٌ إلى سابق علمه وحكمه، فرجع الأبد إلى الأزل والنِّهاياتُ إلى الأوَّل، والله أعلم.

* * * *


(١) ع: «فهذا».
(٢) كذا في ج، ن. وفي ع: «ما كان كامنًا في». وفي الأصل، م، ش: «ما كان ما في». ولكن «ما» الثانية غير محررة في الأصل، وكأنه غُيِّر فيها لتصبح: «ينا»، فصار السياق: «ما كان ينافي»، وعليه جاء النص في ل. وهذا التصحيف يُفسد المعنى، ولذا علَّق عليه بعضهم في ل بقوله: «ما كان معلومًا فلا منافاة ... » إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>