للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهَبْ أنَّ هذا المالَ لم يملكه الآخذُ، فمِلْكُ صاحبِه قد زال عنه بإعطائه لمن أخذه، وقد سلَّم له ما في قُبالته من النَّفع، فكيف يقال: مِلكُه باقٍ عليه ويجب ردُّه إليه؟ وهذا بخلاف أمره بالصَّدقة به، فإنَّه قد أخَذَه من وجهٍ خبيثٍ برضا صاحبه وبذله له فلم يَطِبْ بذلك، وصاحبُه قد رضي بإخراجه عن مِلكه وأن لا يعودَ إليه، فكان أحقَّ الوجوه به صرفُه في المصلحة التي ينتفع بها من قبَضَه، ويخفَّفَ عنه الإثمُ، ولا يُقوَّى الفاجر به ويُعانُ (١) ويُجمَع له بين الأمرين.

وهكذا توبةُ (٢) من اختلط مالُه الحلالُ بالحرام، وتعذَّر عليه تمييزُه: أن يتصدَّق بقدر الحرام، ويطيبُ له باقي ماله (٣).

فصل

إذا غصَب مالًا، ومات ربُّه، وتعذَّر ردُّه عليه= تعيَّن عليه ردُّه إلى وارثه. فإن مات الوارثُ ردَّه إلى وارثه، وهلمَّ جرًّا. فإن لم يردَّه إلى ربِّه ولا إلى أحد من ورثته، فهل تكون المطالبةُ به في الآخرة للموروث إذ هو ربُّه الأصليُّ وقد غصَبه عليه، أو للوارث الآخِر إذ الحقُّ قد انتقل إليه؟

فيه قولان للفقهاء، وهما وجهان في مذهب الشَّافعيِّ - رضي الله عنه -.

ويحتمل أن يقال: المطالبة للموروث ولكلِّ واحدٍ من الورثة، إذ كلٌّ


(١) يعني: "ولا يعان" كما في ش. وكذا كان في الأصل ثم ضرب على "لا". وفي م: "فيعان".
(٢) لفظ "توبة" من ع وحدها.
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٢٧٣، ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>