للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجب الغيبة عن الحسِّ، فمن كان ذاكرًا لنظر الحقِّ إليه مراقبًا له (١)، ثمَّ أحسَّ بشيءٍ من حديث نفسه وخواطره وأفكاره، فقد تعرَّض واستدعى عوالم نفسه واحتجابَ المذكور عنه، لأنَّ حضرة الحقِّ سبحانه لا يكون فيها غيره.

وهذه الدرجة لا يقدر عليها العبد إلَّا بملكةٍ قويَّةٍ من الذِّكر وجمعِ القلب فيه بكلِّيَّته على الله عزّ وجلّ.

فصل

قال (٢): (الدرجة الثالثة: مراقبةُ الأزل بمطالعة عين السبق استقبالًا لعَلَم التوحيد، ومراقبةُ ظهور إشارات الأزل على أحايين الأبد، ومراقبةُ الإخلاص (٣) من ورطة المراقبة).

قوله: (مراقبة الأزل) أي شهود معنى الأزل، وهو القِدَم الذي لا أوَّل له.

(بمطالعة عين السبق) أي بشهود سبق الحقِّ تعالى لكلِّ ما سواه، إذ هو الأوَّل الذي ليس قبله شيءٌ. فمتى طالع القلب عينَ هذا السبق شهد معنى الأزل وعرف حقيقته، فبدا له حينئذٍ عَلَم التوحيد، فاستقبله كما يستقبل أعلام البلد وأعلام الجيش، ورُفع له فشمَّر إليه، وهو شهوده انفرادَ الحقِّ


(١) «مراقبًا له» تصحَّف في ش إلى «من إقباله»، وكذا في ع وجميع المطبوعات بزيادة «عليه» بعده.
(٢) «المنازل» (ص ٢٩).
(٣) ش: «الخلاص»، وكذا في «المنازل». والمثبت من سائر النسخ موافق لـ «شرح التلمساني» (ص ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>