للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع ذكرها. والمقصود: الكلام على الصبر وحقيقته ودرجاته ومرتبته.

فصل

وهو ثلاثة أنواعٍ: صبرٌ بالله، وصبرٌ لله، وصبرٌ مع الله.

فالأوَّل: الاستعانة به، ورؤية أنَّه هو المصبِّر، وأنَّ صبر العبد بربِّه لا بنفسه، كما قال تعالى: {(١٢٦) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: ١٢٧]، يعني إن لم يصبِّرك هو لم تصبر.

والثاني (١): أن يكون الباعث على الصَّبر محبَّة الله وإرادة وجهه والتقرُّب إليه، لا إظهار قوَّة النفس، والاستحماد إلى الخلق، وغير ذلك من الأغراض.

والثالث (٢): دوران العبد مع مراد الله الدِّينيِّ منه، ومع أحكامه الدِّينيَّة، صابرًا نفسه معها، سائرًا بسيرها، مقيمًا بإقامتها، يتوجَّه معها أين توجَّهت ركائبها، وينزل معها أين استقلَّت مضاربها. فهذا معنى كونه صابرًا مع الله، أي قد جعل نفسه وقفًا على أوامره ومحابِّه. وهو أشدُّ أنواع الصبر وأصعبُها، وهو صبر الصِّدِّيقين.

قال الجنيد: المسير من الدُّنيا إلى الآخرة سهل هيِّن على المؤمن، وهجران الخلق في جنب الله شديد، والمسير من النفس إلى الله صعب


(١) في ع زيادة: «الصبر لله، وهو».
(٢) في ع زيادة: «من الصبر: الصر مع الله، وهو».

<<  <  ج: ص:  >  >>