للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونورُ الكشف عندهم هو مبدأ الشُّهود، وهو نورُ تجلِّي (١) معاني الأسماء الحسنى على القلب، فتضيء به ظلمة القلب، ويرتفع به حجابه الكثيف (٢).

ولا تلتفِتْ إلى غير هذا، فتَزِلَّ قدمٌ بعد ثبوتها، فإنّك تجد في كلام بعضهم: تجلِّي الذّات يقتضي كذا وكذا، وتجلِّي الصِّفات يقتضي كذا (٣)، وتجلِّي الأفعال يقتضي كذا. والقوم عنايتهم بالمعاني أكثر من عنايتهم (٤) بالألفاظ، فيتوهّم المتوهِّم أنّهم يريدون تجلِّي حقيقة الذّات والصِّفات والأفعال للعيان، فيقع من يقع منهم في الشَّطَحات والطَّامّات.

والصّادقون العارفون بُرَأَئُ من ذلك، وإنّما يشيرون إلى كمال المعرفة، وارتفاعِ حُجُب الغفلة والشّكِّ والإعراض (٥)، واستيلاءِ سلطان المعرفة على القلب، بمحْوِ (٦) شهود السِّوى بالكلِّية، فلا يشهد القلب سوى معروفه.

ويُنظِّرون هذا بطلوع الشّمس، فإنّها إذا طلعت انطمَسَ نورُ الكواكب، ولم تُعدَم الكواكب، وإنّما غَطّى عليها نور الشّمس، فلم يظهر لها وجودٌ، وهي في الواقع موجودةٌ في مكانها (٧). هكذا نور المعرفة إذا استولى على


(١) ش، ر: «نور على».
(٢) ر: «حجاب الكشف».
(٣) ر، ت: «كذا وكذا».
(٤) «بالمعاني أكثر من عنايتهم» ليست في ر.
(٥) ت: «الاعتراض».
(٦) ر، ت: «يمحق».
(٧) ش: «إمكانها». ر، ت: «أماكنها».

<<  <  ج: ص:  >  >>