للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما تلك دعوى كاذبٍ ليس حظُّه ... من الحبِّ إلّا قولَه والأمانيا

أمَا أنفُسُ العشّاقِ مِلْكٌ لغيرهم ... بإجماع أهلِ الحبِّ ما زالَ فاشيا

أما سمعَ العشّاقُ قولَ حبيبةٍ ... لِصَبٍّ بها وَافى من الحبِّ شاكيا

«ولمّا شَكوتُ الحبَّ قالت كَذَبْتَني ... ألستُ أرى الأعضاءَ منك كَواسِيا

فلا حُبَّ حتّى يَلْصَقَ القلبُ بالحَشَا ... وتَخْرَسَ حتّى لا تُجِيبَ مناديا (١)

وتَنْحُلَ حتّى لا يُبَقِّي لك الهوى ... سوى مُقْلةٍ تَبكِي بها وتُناجِيا»

فصل

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (٢): (المحبّة: تعلُّق القلب بين الهِمّة والأُنس).

يعني: تعلُّق القلب بالمحبوب تعلُّقًا مقترنًا بهمّة المحبِّ وأُنسِه بالمحبوب، في حالتَي بذْلِه ومنْعِه، وإفرادُه بذلك التّعلُّق بحيثُ لا يكون لغيره فيه نصيبٌ.

وإنّما أشار إلى أنّها بين الهمّة والأنس لأنّ الهمّة لمّا كانت هي نهاية شدّة الطّلب، وكان المحبُّ شديد الرّغبة والطّلب، كانت الهمّة من مُقوِّمات حبِّه وجملةِ صفاته. ولمّا كان الطّلب بالهمّة قد يَعرى (٣) عن الأنس، وكان المحبُّ لا يكون إلّا مستأنسًا بجمال محبوبه، وطمعه بالوصول إليه، فمن هذين يتولَّدُ الأنس= وجب أن يكون المحبُّ موصوفًا بالأنس، فصارت المحبّة قائمةً بين الهمّة والأنس.


(١) ل: «المناديا».
(٢) (ص ٧١).
(٣) ل: «تعرى».

<<  <  ج: ص:  >  >>