للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمل، وبالعمل عن الحال، وبالحال عن الله سبحانه، وهذا أمرٌ لا يعرفه إلّا من شدَّ مِئزَرَ سيرِه إلى الله, وعلمَ أنّ كلّ ما سواه فهو قاطعٌ عنه.

وقد تضمّن كلامُه في هذه الدّرجة ثلاثَ درجاتٍ كما أشار إليه: درجة الحال, ودرجة العلم، ودرجة التّفرقة بين الحال والعلم. وهذه الثّلاث درجات هي المختصّة بالمعنى الثّاني من معاني الوقت.

فصل

قال (١): (والمعنى الثّالث، قالوا: الوقت الحقُّ. أرادوا به: استغراق رسم الوقت في وجود الحقِّ. وهذا المعنى يَسبِق (٢) على هذا الاسم عندي, لكنّه هو اسمٌ في هذا المعنى الثّالث، لحين تتلاشى فيه الرُّسوم كشفًا, لا وجودًا محضًا. وهو فوق البرق والوجد. وهو يُشارِف (٣) مقامَ الجمع لو دام وبقي, ولا يبلُغُ واديَ الوجود، لكنّه يكفي مؤنةَ المعاملة، ويُصفِّي عينَ المسامرة, ويُشِمُّ روائحَ (٤) الوجود).

هذا المعنى الثّالث من معاني الوقت أخصُّ ممّا قبله, وأصعبُ تصوُّرًا وحصولًا. فإنّ الأوّل وقتُ سلوكٍ يتلوَّنُ, وهذا وقتُ كشفٍ يتمكَّن. ولذلك أطلقوا عليه اسم «الحقِّ» , لغلبة حكمه على قلب صاحبه, فلا يُحسُّ برسم الوقت، بل يتلاشى ذكرُ وقتِه من قلبه، لما قهره من نور الكشف.


(١) «المنازل» (ص ٨٢, ٨٣).
(٢) في «المنازل»: «يشق». والمثبت موافق لما في «شرح التلمساني».
(٣) ر: «يفارق».
(٤) ت: «رائحة».

<<  <  ج: ص:  >  >>