للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصحُّ أن يكون غيرةً بالغين المعجمة (١) والياء المثنّاة من تحت، ومعناه: أنّ العلم يكسوه غيرةً من حجابه عن مقام صاحب الحال، فيَغَارُ من احتجابه عن الحال بالعلم، وعن العيان بالاستدلال، وعن الشُّهود ــ الذي هو مقام الإحسان ــ بالإيمان، الذي هو إيمانٌ بالغيب.

قوله: (ويُرِيه غيرةَ تفرُّقٍ طورًا)، هذا بالغين المعجمة ليس إلّا، أي: ويُرِيه العلم غيرةَ تفرقةٍ (٢) في أوديته، فيُفرِّق بين أحكام الحال وأحكام العلم، وهي حالة صحوٍ وتمييزٍ.

وكأنّ الشّيخ - رحمه الله - يشير إلى أنّ صاحب هذا المقام تَغَار تفرقتُه (٣) من جمعيّته على الله، فنفسُه تفرُّ من الجمعيّة على الله إلى تفرُّقِ العلم، فإنّه لا أشقَّ على النُّفوس من جمعيّتها على الله، فهي تهرب من الله إلى الحال تارةً، وإلى العمل تارةً، وإلى العلم تارةً. هذه نفوس السّالكين الصّادقين. ومن (٤) ليس من أهل هذا الشّأن فنفوسُهم تَفِرُّ من الله إلى الشّهوات والرّاحات.

فأشقُّ ما على النفس (٥): جمعيَّتُها على الله، وهي تُناشِد صاحبها أن لا يُوصِلها إليه، وأن يَشْغَلَها بما دونه. فإنّ حبسَ النّفسِ على الله شديدٌ، وأشدُّ منه حبْسُها على أوامره وحبْسُها عن نواهيه, فهي دائمًا تُرضِيك بالعلم عن


(١) ر: «عيرة بالعين المهملة»، خطأ.
(٢) ت: «تفرق».
(٣) ر، ت: «تفرقه».
(٤) ر: «وأما من».
(٥) ر: «النفوس».

<<  <  ج: ص:  >  >>