للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجاء البتَّة، فالرجاء حياةُ الطَّلب والإرادةِ وروحُها (١).

وأمَّا رضاه بمراده منه وإن كان عذابَه، فهذا هو الرُّعونة كلُّ الرُّعونة، فإنَّ مراده سبحانه نوعان:

- مرادٌ يحبُّه ويرضاه ويمدح فاعله ويواليه، فموافقته في هذا المراد هي عين محبَّته، وإرادةُ خلافه رعونةٌ ومعارضةٌ واعتراضٌ.

- ومرادٌ يبغضه ويكرهه ويمقت (٢) فاعلَه ويعاديه، فموافقته في هذا المراد عين مشاقَّته ومعاداته ومخالفته والتعرُّضِ لمقته وسخطه. فهذا الموضع موضع فرقانٍ، فالموافقة كلُّ الموافقة معارضة هذا المراد واعتراضُه بالدفع والردِّ بالمراد الآخر. فالعبودية الحقُّ: معارضةُ مراده بمراده، ومزاحمة أحكامه بأحكامه. فاستسلامه لهذا المراد المكروهِ المسخوطِ وما يوجبه ويقتضيه عينُ الرُّعونة والخروجُ عن العبودية.

وهو عين الدعوى الكاذبة، إذ لو كان مصدرُ ذلك الاستسلامَ والموافقةَ وتركَ الاعتراضِ والمعارضةِ لكان ذلك مخصوصًا بمحابِّه ومراضيه وأوامره التي الاستسلامُ لها والموافقةُ فيها وتركُ معارضتها والاعتراضِ عليها هو عين المحبة والموالاة.

وأمَّا الفناء بمراد ربِّه عن مراده، فقد تقدَّم أنَّ المحمود من ذلك: الفناءُ بمراده الدينيِّ الأمريِّ، لا الكونيِّ القدريِّ، فإنَّ الكون كلَّه مرادُه القدريُّ خيره وشرُّه.


(١) في ع والنسخ المطبوعة: «والإرادةُ روحُها»، سقطت واو العطف ففسد المعنى.
(٢) في م زيادة: «عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>