للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: أنّ العبد إذا استشرفت نفسه للجفاء بينه وبين سيِّده ــ بموافقة شهواته ــ عصَمَه سيِّده اضطرارًا، بأن يُنغِّص عليه الشّهوات، فلا تصفو له البتّةَ. بل لا ينال ما ينال منها إلّا مَشُوبًا بأنواع التّنغيص الذي ربّما أربى على لذّتها واستهلكها، بحيث تكون اللّذّة في جنب التّنغيص كالخِلْسة والغَفْوة.

وكذلك يُعوِّق الملاذَّ عليه، بأن يحول بينه وبينها، حتّى لا يركَنَ إليها ويطمئنَّ إليها (١) ويساكنها، فيحول بينه وبين أسبابها. فإن هُيِّئت له قَيَّضَ له مدافِعَ تحولُ بينه وبين استيفائها، فيقول: من أين دُهِيتُ (٢)؟ وإنّما هي عينُ العناية والحِمية والصِّيانة.

وكذلك يَسُدُّ عنه طُرقَ المعاصي ــ فإنّها طُرق المعاطب ــ وإن كان كارهًا، عنايةً به (٣) وصيانةً له.

فصل

(الدّرجة الثّانية: أن يضعَ عن العبد عوارضَ النّقص، ويُعافِيَه من سِمَة اللّائمة، ويُملِّكه عواقبَ الهفوات. كما فعل بسليمان عليه السّلام حين قتلَ الخيلَ فحملَه على الرِّيح الرُّخاء، فأغناه عن الخيل. وفعل بموسى عليه السّلام حين ألقى الألواحَ وأخذ برأس أخيه، ولم يَعتِب عليه كما عتَبَ على آدم عليه السّلام وداود ويونس عليهم الصلاة والسّلام) (٤).


(١) «إليها» ليست في ش، د.
(٢) أي أُصِبتُ بداهية.
(٣) «به» ليست في ل.
(٤) «المنازل» (ص ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>