للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتّقوا فراسةَ المؤمن، فإنّه ينظر بنور الله». ثمّ قرأ قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: ٧٥].

فصل

والفراسة ثلاثة أنواعٍ:

إيمانيّةٌ، وهي المتكلَّم فيها في هذه المنزلة.

وسببها: نور يَقذِفه الله في قلب عبده، يُفرِّق به بين الحقِّ والباطل، والحالي والعاطل، والصّادق والكاذب.

وحقيقتها: أنّها خاطرٌ يَهجُم على القلب ينفي ما يضادُّه، يَثِبُ على القلب كوثوب الأسد على الفريسة، لكنّ الفريسة فعيلةٌ بمعنى مفعولة، وبناء الفراسة كبناء الولاية والإمارة والسِّياسة.

وهذه الفراسة على حسب قوّة الإيمان. فمن كان أقوى إيمانًا فهو أحدُّ فراسةً.

قال أبو سعيدٍ الخرّاز: من نظر بنور الفراسة نظر بنور الحقِّ، وتكون موادُّ علمه من الحقِّ بلا سهوٍ ولا غفلةٍ. بل حكم حقٍّ جرى على لسان عبده (١).

وقال الواسطيُّ - رحمه الله -: الفراسة سَواطعُ أنوارٍ لمعتْ في القلوب، وتمكينُ معرفةٍ حَملت السّرائرَ في الغيوب من غيبٍ إلى غيبٍ، حتّى يشهد الأشياءَ من حيث أشهده الحقُّ إيّاها، فيتكلّم عن ضمير الخلق (٢).


(١) «الرسالة القشيرية» (ص ٥١٤).
(٢) «الرسالة القشيرية» (ص ٥١٤، ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>