للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن بين الخبر والعيان فرقٌ. وفي «المسند» (١) مرفوعًا: «ليس المُخْبَر كالمعاين». ولهذا لمَّا أخبر الله موسى أنَّه قد فَتَن قومَه وأنَّ السامريَّ أضلَّهم، لم يحصل له من الغضب والكيفيّة وإلقاء الألواح ما حصل له عند مشاهدة ذلك.

إذا عُرِف (٢) هذا فقوله: (التحقيق: تلخيص مصحوبك من الحقِّ) , هاهنا أربعة ألفاظٍ بتفسيرها يُفهَم مراده إن شاء الله.

أحدها: لفظ «التحقيق»، وهو تفعيلٌ من حقَّق الشّيء يحقِّقه تحقيقًا، فهو مصدرٌ فعلُه حقَّق الشّيء، أي أثبته وخلَّصه من غيره.

الثّانية: لفظ «التلخيص»، ومعناها: تخليص الشّيء من غيره، فخلَّصه ولخَّصه يشتركان لفظًا ومعنًى، وإن كان «التّلخيص» أغلب على ما في الذِّهن, والتّخليص أغلب على ما في الخارج. فالتلخيص: تخليص الشّيء في الذِّهن بحيث لا يدخل فيه غيره، والتخليص: إفراده في الخارج عن غيره.

الثّالثة: «المصحوب»، وهو ما يصحب الإنسان في قصده ومعرفته من معلومٍ ومرادٍ.

الرّابعة: «الحقُّ»، وهو الله سبحانه، وما كان مُوصِلًا إليه مُدْنِيًا للعبد من رضاه.


(١) رقم (١٨٤٢، ٢٤٤٧) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، ولفظه: «ليس الخبر كالمعاينة». وأخرجه أيضًا البزار (٥٠٦٢، ٥٠٦٣). وصححه ابن حبان (٦٢١٣، ٦٢١٤)، والحاكم (٢/ ٣٢١).
(٢) ت: «عرفت».

<<  <  ج: ص:  >  >>