للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاسم، ولا سيَّما إذا انضاف إلى ذلك اسمُ (الشرب) وتسميةُ المعارف بـ (الخمر)، والواردات بـ (الكؤوس)، واللهِ جلَّ جلاله بـ (الساقي)؛ فهذه الاستعارة والتسمية هي التي فتحت هذا الباب.

وأمَّا قوله: (وهو من مقامات المحبِّين خاصَّةً)، فلا بدَّ من بيان حقيقة السُّكر وسببه وتولُّده، وهل هو مقدورٌ أم غير مقدورٍ، وبيان انقسامه باعتبار ذاته وأسبابه ومحلِّه، لتكون الفائدة بذلك أتمَّ.

فنقول وبالله التوفيق: السُّكر لذّةٌ ونشوةٌ يغيب معها العقل الذي يحصل به التمييز ويعلم صاحبه ما يقول. قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]، فجعل (١) الغاية التي يزول بها حكم السُّكر: أن يعلم ما يقول (٢)، فإذا علم ما يقول خرج عن (٣) حدِّ السكران. قال الإمام أحمد: السكران من لم يعرف ثوبه من ثوب غيره، ونعلَه من نعل غيره (٤). ويُذكر عن الشافعيِّ أنَّه إذا اختلط كلامه المنظوم، وأفشى سرَّه المكتوم (٥).

فالسكر يجمع معنيين: وجودَ لذَّةٍ وعدمَ تمييزٍ، وقاصد السُّكر قد يقصدهما جميعًا، وقد يقصد أحدهما. فإنَّ النفس لها هوًى وشهواتٌ


(١) ش، د: «فحصل»، تصحيف.
(٢) «فجعل ... يقول» ساقط من ر.
(٣) د، ر: «من».
(٤) ذكره في «الإنصاف» (٢٢/ ١٤٦) بنحوه من رواية حنبل.
(٥) انظر: «نهاية المطلب» (١٤/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>