للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رائحته وألقتها في مشامِّه لم يجب عليه سدُّ أنفه. ونظير هذا: نظرةُ الفجاءة لا تحرُم على النّاظر، وتحرُم عليه النّظرة الثّانية إذا تعمَّدَها.

وأمّا السَّمعُ المستحَبُّ فكاستماع المستحَبِّ من العلم، وقراءة القرآن، وذكر الله، واستماع كلِّ ما يحبُّه الله وليس بفرضٍ. والمكروه عكسه، وهو استماعُ كلِّ ما يكرهه ولا يعاقب عليه. والمباح ظاهرٌ.

وأمّا النّظر الواجب، فالنَّظرُ في المصحف وكتب العلم عند تعيُّنِ تعلُّمِ (١) الواجب منها، والنّظرُ إذا تعيَّن لتمييز الحلال من الحرام في الأعيان التي يأكلها وينفقها ويستمتع بها، والأمانات التي يؤدِّيها إلى أربابها ليميِّز بينها، ونحو ذلك.

والنّظر الحرام: النّظر إلى الأجنبيّات بشهوةٍ مطلقًا، وبغيرها إلّا لحاجةٍ، كنظر الخاطب، والمُسْتام، والمُعامِل، والشّاهد، والحاكم، والطَّبيب، وذي المحرم.

والمستحبُّ: النّظرُ في كتب العلم والدِّين، الذي يزداد به الرّجلُ إيمانًا وعلمًا، والنّظرُ في المصحف ووجوه العلماء والصّالحين والوالدين، والنّظرُ في آيات الله المشهودة ليستدلَّ بها على توحيده ومعرفته وحكمته.

والمكروه: فضولُ النَّظر التي لا مصلحة فيها (٢)، فإنَّ له فضولًا كما للِّسان فضولًا (٣). وكم قادت فضولُهما إلى فضولٍ عزَّ التّخلُّص منها، وأعيا دواؤها. وقال بعض السّلف: كانوا يكرهون فضول النّظر، كما يكرهون


(١) ش: "نقل"، تحريف.
(٢) ع: "الذي لا مصلحة فيه".
(٣) كذا في النسخ، والوجه: "فضولٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>