للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الكلمات التي تروى عن بعضهم: من التّزهيد في العلم، والاستغناء عنه, كقول من قال: نحن نأخذ علمنا عن الحيِّ الذي لا يموت، وأنتم تأخذونه عن حيٍّ يموت.

وقول آخر ــ وقد قيل له: ألا ترحل حتّى تسمع من عبد الرّزّاق ــ فقال: ما يَصنع بالسّماع من عبد الرّزّاق من يسمع من الخلّاق؟

وقول آخر: العلم حجابٌ بين القلب وبين الله عزّ وجلّ (١).

وقال آخر: إذا رأيت الصوفي يشتغل بـ «أخبرنا» و «حدثنا» فاغسِلْ يدك منه.

وقول آخر: لنا علم الخِرَق، ولكم علم الورق (٢).

ونحو هذا من الكلمات (٣) التي أحسنُ أحوالِ قائلها: أن يكون جاهلًا يُعذَر بجهله، أو شاطحًا معترفًا (٤) بشَطْحه. وإلّا فلولا عبد الرّزّاق وأمثاله،


(١) قال الغزالي في «الإحياء» (٢/ ١٥٤): ولا يُلتَفت إلى خرافات بعض الحمقى بقولهم: إن العلم حجاب، فإن الجهل هو الحجاب. وذكر تأويل هذه الكلمة في (١/ ٢٨٤) بأن الحجاب هو العلم المذموم دون المحمود.
(٢) انظر نحوه عن بعض الصوفية في «تاريخ بغداد» (٧/ ٢٢٧)، و «تلبيس إبليس» (ص ٢٩١)، و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٥٥٩)، و «تاريخ الإسلام» (٧/ ٨٦٢). وقال أبو بكر الشبلي:
إذا خاطبوني بعلم الورقْ ... برزتُ عليهم بعلم الخِرقْ
(٣) ذكر بعض هذه الكلمات ابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص ٣٢١)، والمؤلف في «إغاثة اللهفان» (١/ ٢١٣، ٢١٤)، مع الردّ على قائليها.
(٤) كذا في النسخ. وفي هامش ش: «لعله: مغترا».

<<  <  ج: ص:  >  >>