للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع عند القوم: ما أسقطَ التّفرقة، وقطعَ الإشارة، وباينَ الكائنات. ورسمُ العبد عندهم: هو صورته الظّاهرة والباطنة. فشهودُ الجمع يقتضي أن يستولي على فناء تلك الرُّسوم فيه. فللجمع صولةٌ على رسم السّالك، يغشاه عند بَهْتةٍ، هي الدّهشة المشار إليها.

وأمّا صَولة السَّبق على وقته، فالسّبق: هو الأزل، وهو سابقٌ على وقت السّالك. وإنّما صالَ الأزل على وقته لأنّ وقته حادثٌ فانٍ، فهو يرى فناءه في بقاء الأزل وسَبْقه، فيغلبه شهودُ السّبق، ويَقْهَره على شهود وقته، فلا يتّسع له.

وأمّا صَولة المشاهدة على روحه، لمّا كانت المشاهدة تعلُّقَ إدراكِ الرُّوح بشهود الحقِّ تعالى، فهي شهود الحقِّ بالحقِّ، كما قال تعالى (١): «فبي يَسْمع، وبي يُبصِر» = اقتضى هذا الشُّهود صولةً على الرُّوح، فحيث صار الحكم له دونها فانطوى حكمُ الشّاهد في شهوده. وقد عرفتَ ما في ذلك فيما تقدّم.

قال (٢): (الدّرجة الثّالثة: دهشةُ المحبِّ عند صولة الاتِّصال على لُطف العطيّة، وصولةِ نورِ القُرب على نورِ العَطْف، وصولةِ شوقِ العيان على شوقِ الخبر).

الاتِّصال عنده على ثلاث (٣) مراتب: اتِّصال الاعتصام، واتِّصال


(١) في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري (٦٥٠٢) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. وفيه: «كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصِر به».
(٢) «المنازل» (ص ٧٧).
(٣) ت: «للاتصال عنده ثلاث».

<<  <  ج: ص:  >  >>