الشُّهود، واتِّصال الوجود، كما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله، وبيانُ ما فيه من حقٍّ وباطلٍ يَجِلُّ عنه جنابُ الحقِّ تعالى.
والعطيّة هاهنا: هي الواردات التي تَرِد في لطفٍ وخفاءٍ على قلب العبد من قبل الحقِّ تعالى، وهي أَلطافٌ يُعامِل المحبوبُ بها محبَّه، تُوجِب قربًا خاصًّا هو المسمّى بالاتِّصال، فيصولُ ذلك القرب على لطفِ العطيّة، فيغيب العبدُ عنها وعن شهودها، ويُنسِيه إيّاها، لِما أوجبَه له ذلك القرب من الدَّهَش.
وقد يكون سبب ذلك تواتُر أنواعِ العطايا عليه، حتّى يُدهِشَه كثرتُها وتنوُّعها. فيُوجِب له كثرتُها دهشةً تمنعُه من مطالعتها، مع انضمام ذلك إلى صولة القرب. وهي وارداتٌ وأنوارٌ يتّصل بعضها ببعضٍ، تَمحُو ظُلَمَ رسمه ونفسه.
وأمّا صولة نور القرب على نور العطف، فهو قريبٌ من هذا أو هو بعينه، وإنّما كرّر المعنى بلفظٍ آخر، فإنّ لطف العطيّة كلّه نور عطفٍ، والاتِّصال هو القرب نفسه، تعالى الله عن غير ذلك من اتِّصالٍ يتوهّمه ملاحدةُ الطّريق وزنادقتهم.
وأمّا صولة شوق العيان على شوق الخبر، فمراده به: أنّ المريد في أوّل الأمر سالكٌ على شوق الخبر في مقام الإيمان، فإذا تَرقّى عنه إلى مقام الإحسان وتمكَّن منه بقيَ شوقُه شبيهًا بشوق العيان، فصالَ هذا الشّوقُ على الشّوق الأوّل. فإن كان هذا مراده، وإلّا فالعيان في الدُّنيا لا سبيلَ للبشر إليه البتّةَ.
ومن زعم خلافَ ذلك فأحسنُ أحواله أن يكون ملبوسًا عليه، وليس