للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمر المصاب بأنفع الأمور له وهو الصبر والاحتساب (١)، فإنَّ ذلك يخفِّف مصيبته ويوفِّر أجره، والجزع والسخط (٢) والتشكِّي يزيد المصيبة ويُذهب الأجر (٣).

فصل

الصبر في اللُّغة: الحبس والكفُّ. ومنه: قُتل فلان صبرًا، إذا أُمسك وحبس للقتل. ومنه قوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: ٢٨]، أي احبس نفسك معهم.

فالصبر: حبس النفس عن الجزع والتسخُّط، وحبس اللِّسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش.

وهو ثلاثة أنواعٍ: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على امتحان الله. فالأوَّلان: صبرٌ على ما يتعلَّق بالكسب، والثالث: صبرٌ على ما لا كسب للعبد فيه.

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميَّة ــ قدَّس الله روحه ــ يقول: وكان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز عن شأنها أكملَ من صبره على إلقاء إخوته له في الجُبِّ وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه، فإنَّ هذه أمورٌ جرت عليه بغير


(١) كما في أمره - صلى الله عليه وسلم - ابنته بذلك حين احتُضر ابنها. أخرجه البخاري (١٢٨٤) ومسلم (٩٢٣) من حديث أسامة بن زيد.
(٢) ع: «التسخط».
(٣) زاد في ع: «وأخبر أن الصبر خير كله فقال: ما أُعطي أحدٌ عطاءً خيرًا له وأوسعَ من الصبر». أخرجه البخاري (١٤٦٩) ومسلم (١٠٥٣) من حديث أبي سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>