للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا يمكن أن يتوصَّل إليه العبد باكتسابه.

والعراقيُّون قالوا: هو من جملة الأحوال، وليس كسبيًّا للعبد، بل هو نازلةٌ تحلُّ بالقلب كسائر الأحوال. والفرق بين المقامات والأحوال: أنَّ المقامات عندهم من المكاسب، والأحوال مجرَّد المواهب.

وحكمت فرقة ثالثة بين الطائفتين ــ منهم صاحب «الرِّسالة» (١) وغيره ــ فقالوا: يمكن الجمع بينهما بأن يقال: بداية الرِّضا مكتسبةٌ للعبد، وهي من جملة المقامات، ونهايته من جملة الأحوال وليست مكتسبةً، فأوَّله مقامٌ ونهايته حالٌ.

واحتجَّ من جعله من جملة المقامات بأنَّ الله مدح أهله وأثنى عليهم وندبهم إليه، فدلَّ ذلك على أنه مقدورٌ لهم.

وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ذاق طعمَ الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّدٍ رسولًا» (٢).

وقال: «من قال حين يسمع النِّداء: رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمَّدٍ رسولًا، غفرت له ذنوبه» (٣).

وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدِّين، وإليهما ينتهي. وقد تضمَّنا


(١) (ص ٤٥٣).
(٢) أخرجه مسلم (٣٤) من حديث العبَّاس بن عبد المطلب.
(٣) أخرجه مسلم (٣٨٦) من حديث سعد بن أبي وقاص، وتمام لفظه: «من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًّا وبمحمد رسولًا وبالإسلام دينًا= غفر له ذنبه».

<<  <  ج: ص:  >  >>