للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ويعرض للسّالك على درب الفناء معاطب ومهالك، لا ينجيه منها إلّا بصيرةُ العلم، التي إن صَحِبَتْه في سَيره، وإلّا فبسبيلِ مَن هلك (١).

منها: أنّه إذا اقتحم عقَبةَ الفناء ظنَّ أنَّ صاحبَها قد سقط عنه الأمرُ والنّهيُ، لتشويشِه على الفناء ونقضِه له ــ والفناء عنده غايةُ العارفين ونهاية التّوحيد ــ فيرى تركَ كلِّ ما أبطله وأزاله من أمرٍ أو نهيٍ أو غيرهما.

ويصرِّح بعضُهم بأنّه إنّما يسقط الأمر عمَّن شهد الإرادة (٢)، وأمّا من لم يشهدها فالأمرُ والنّهيُ لازمٌ له. ولا يعلم هذا المغرورُ أنَّ غايةَ ما معه: الفناءُ في توحيد أهل الشِّرك الذي أقرُّوا به ولم يكونوا به مسلمين البتّة، كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: ٢٥]. وقال: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ


(١) ل: "بسبيل". وفي ج: "فسبيل"، يعني: "فسبيلُ من هلك سبيلُه" كما جاء في حديث ابن مسعود في "مسند أحمد" (٣٧٠٧) وغيره: "فإن هلكوا فسبيلُ من هلك ... ". وقد أثبت ما في الأصل وغيره لورود مثله في "إغاثة اللهفان" (٢/ ٨٩٩): "فإن تدارك ذلك بالتوبة النصوح وإلا فبسبيل من هلك". وسيأتي في فصل التوبة (ص ٥٣٤): "وإن هلك بهما فبسبيل من هلك". وكأن الباء في كلام المؤلف جاءت قياسًا على الباء في "فبها ونعمت" المحذوفة في جواب "إن صحبَتْ" و"إن تدارك".
(٢) انظر: "منهاج السنة" (٣/ ٧٦)، و"مجموع الفتاوى" (١٠/ ١٦٥)، و"قاعدة في الفناء والبقاء" ضمن "جامع المسائل" (٧/ ١٦٣ - ١٦٤) وهذه الفقرة مع الآيات منقولة منها، وكذا ما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>