للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنَّ المعتزلة منهم يصرِّحون بأنّ العقاب ثابتٌ بالعقل (١).

وقد دلَّ القرآنُ على أنّه لا تلازُمَ بين الأمرين، وأنّه لا يعاقِبُ إلّا بعد إرسال الرَّسول، وأنَّ الفعلَ (٢) في نفسه حسنٌ وقبيحٌ. ونحن نبيِّن دلالته على الأمرين.

أمّا الأوّل: ففي قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]. وفي قوله: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]، وفي قوله: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: ٨ - ٩]، فلم يسألوهم عن مخالفتهم للعقل بل للنُّذُر (٣)، وبذلك دخلوا النّار.

وقال تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: ١٣٠]، ــ وفي الزمر: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [٧١]ــ ثمَّ قال في الأنعام بعدها: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا} [١٣١] (٤).


(١) وانظر: "مفتاح دار السعادة" (٢/ ٩٦٣، ١١٢١ - ١١٢٢).
(٢) ع: "العقل" مع علامة إهمال العين تحتها، تصحيف.
(٣) ج، م: "للنذير".
(٤) هذا السياق للآيات من ع وقد أخَّر المؤلف آية الأنعام (١٣١) للاستدلال به. ولم ترد آية الزمر في ج، ش. وفي غيرها آية الأنعام (١٣٠) ثم آية الزمر بعد قوله: "وفي الأنعام" ثم آية الأنعام (١٣١) فاختَل السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>