للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ ذكر الشّيخ - رحمه الله - ما يُستطاع به هذا الإيثار العظيم الشّأن، فقال (١): (ويُستطاع هذا بثلاثة أشياء: بطَلَبِ العَود (٢)، وحُسْنِ الإسلام، وقوّةِ الصّبر).

من المعلوم: أنّ المُؤثِر لرضا الله متصدٍّ لمعاداة الخلق وأذاهم وسعيِهم في إتلافه ولا بدَّ، هذه سنّة الله في خلقه. وإلّا فما ذنبُ الأنبياء والرُّسل، والّذين يأمرون بالقسط من النّاس، والقائمين بدين الله، الذّابِّين عن كتابه وسنّة رسوله عندهم؟

فمن آثر رضا الله فلا بدّ أن يُعادِيَه رُذالةُ العالَم وسَقَطُهم (٣)، وغَرَثُهم (٤) وجُهَّالُهم، وأهل البدع والفجور منهم، وأهلُ الرِّياسات الباطلة، وكلُّ من يخالف هدْيُه هدْيَه. فما يُقدِم على معاداة هؤلاء إلّا طالبٌ للرجوع إلى الله، عاملٌ على سماع خطاب {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: ٢٧ - ٢٨]، ومَن إسلامه صلبٌ كاملٌ لا تُزعزِعه الرِّجال، ولا تُلَقْلِقُه (٥) الجبال، ومَن عقدُ عزيمةِ صبره مُحكمٌ لا تَحُلُّه المِحَنُ والشّدائد والمخاوف.


(١) «منازل السائرين» (ص ٤٥).
(٢) في «المنازل» وشرحي الإسكندري والكاساني: «بطيب العُود». والمثبت من الأصول وهو ما في شرح التلمساني، ويؤيِّده قول المؤلف الآتي: «طالب للرجوع إلى الله».
(٣) الرذالة: الدون الخسيس. وأسقاط الناس: أوباشهم وأسافلهم.
(٤) ل: «غرتهم». د: «غِرَّتهم» مشكولة. والمثبت من ش، وهي كذلك بخط المؤلف في «طريق الهجرتين» (ص ٢١٩). وانظر تعليق المحقق عليه. والمقصود بهم هنا غوغاء الناس.
(٥) ل: «تقلقله». وكلاهما بمعنى التحريك.

<<  <  ج: ص:  >  >>