للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعض السّلف (١): لمصانعةُ وجهٍ واحدٍ أيسرُ عليك من مصانعة وجوهٍ كثيرةٍ، إنّك إذا صانعتَ ذلك الوجهَ الواحدَ كفاك الوجوهَ كلَّها.

وقال الشّافعيُّ - رضي الله عنه - (٢): رِضا النّاس غايةٌ لا تُدْرَك، فعليك بما فيه صلاحُ نفسك فالزَمْه.

ومعلومٌ أنّه لا صلاحَ للنّفس إلّا بإيثار رضا بارِئها ومولاها على غيره. ولقد أحسن أبو فراسٍ - رحمه الله - في قوله، إلّا أنّه أساء كلَّ الإساءة إذ يقوله لمخلوقٍ لا يملك له ولا لنفسِه ضَرًّا ولا نفعًا:

فليتك تَحْلُو والحياةُ مَرِيرةٌ ... وليتك تَرضى والأنامُ غِضابُ

وليتَ الذي بيني وبينك عامرٌ ... وبيني وبين العالمين خَرابُ

إذا صحَّ منك الودُّ فالكلُّ هيِّنٌ ... وكلُّ الذي فوقَ التُّراب ترابُ (٣)


(١) هو أبو حازم سلمة بن دينار، انظر: «حلية الأولياء» (٣/ ٢٣٩)، و «سير السلف» لقوام السنة (ص ٨٠٢)، و «صفة الصفوة» (١/ ٢٨٦)، و «تاريخ الإسلام» (٣/ ٦٦٥)، و «سير أعلام النبلاء» (٦/ ١٠٠)، و «تذكرة الحفاظ» (١/ ١٣٣).
(٢) انظر: «آداب الشافعي ومناقبه» (ص ٢٧٨، ٢٧٩)، و «حلية الأولياء» (٩/ ١٢٢)، و «صفة الصفوة» (١/ ٤٣٦)، و «معجم الأدباء» (٦/ ٢٤٠٥)، و «وفيات الأعيان» (٧/ ٢٥٢)، و «سير أعلام النبلاء» (١٠/ ٨٩) وغيرها. ورُوي القسم الأول منه في كلام أكثم بن صيفي، كما في «مجمع الأمثال» (١/ ٣٠١) و «المستقصى» (٢/ ١٠٠)، وروي أيضًا عن سفيان الثوري كما في «الزهد الكبير» للبيهقي (١٦٨) و «حلية الأولياء» (٦/ ٣٨٦).
(٣) أورد المؤلف الأبيات الثلاثة في «الرسالة التبوكية» (ص ٩١، ٩٢) بلا نسبة. والأولان من قصيدة طويلة لأبي فراس الحمداني في «ديوانه» (١/ ٢٤). والبيت الثالث ضمن قصيدة للمتنبي (ص ٦٨٧ بشرح الواحدي).

<<  <  ج: ص:  >  >>