للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

المفسد الرّابع من مفسدات القلب: الطعام. والمفسد له من ذلك نوعان:

أحدهما: ما يُفسده لعينه وذاته كالمحرَّمات، وهي نوعان: محرّماتٌ لحقِّ الله، كالميتة والدّم ولحم الخنزير، وذي النّاب من السِّباع والمِخلَب من الطير؛ ومحرّماتٌ لحقِّ العباد، كالمسروق والمغصوب والمنهوب، وما أُخِذ بغير رضا صاحبه، إمَّا قهرًا وإمَّا حياءً وتذمُّمًا.

والثاني: ما يفسده بقَدْره وتعدِّي حدِّه، كالإسراف في الحلال، والشِّبع المُفرط، فإنَّه يثقله عن الطاعات، ويَشْغَلُه بمزاولة مؤنة البِطنة ومحاولتها حتَّى يظفر بها، فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرُّفها ووقاية ضررها والتّأذِّي بثقلها، وقوَّى عليه موادَّ الشهوة وطُرُقَ مجاري الشيطان ووسَّعها، فإنَّه يجري من ابن آدم مجرى الدّم، فالصَّوم يضيِّق مجاريه ويسدُّ عليه طرقه، والشِّبع يُطرِّقها ويوسِّعها.

ومن أكل كثيرًا شرب كثيرًا، فنام كثيرًا، فخسر كثيرًا. وفي الحديث المشهور: «ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ، بِحَسْب ابن آدم لقيماتٌ يُقِمن صُلبَه، فإن كان لا بدَّ فاعلًا فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسه» (١).


(١) أخرجه أحمد (١٧١٨٦) والترمذي (٢٣٨٠) والنسائي في «الكبرى» (٦٧٣٧ - ٦٧٣٩) وابن ماجه (٣٣٤٩) وابن حبان (٦٧٤، ٥٢٣٦) والحاكم (٤/ ١٢١) من حديث المقدام بن معديكرب. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>