للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم يحصل له هذا المقام حصل على لطف الصبر وما فيه من حسن العاقبة، كما في الأثر المعروف: «إن استطعت أن تعمل لله بالرِّضا مع اليقين فافعل، فإن لم تستطع فإنَّ في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا» (١).

فصل

قال (٢): (الدرجة الثالثة: معاينة أزليَّة الحقِّ، ليتخلَّص من محن المقصود (٣)، وتكاليف الحمايات، والتعريج على مدارج الوسائل).

قوله: (معاينة أزلية الحق)، أي متى شهد قلبه تفرُّد الربِّ سبحانه بالأزليَّة غاب بها عن الطلب، لتيقُّنه فراغَ الربِّ تعالى من المقادير، وسَبْقِ الأزل بها، وثبوتِ حكمها هناك؛ فيَخلُص (٤) من المحن التي تعرض له دون المقصود. ويتخلَّص أيضًا من تعريجه والتفاته وحبس مطيَّته على طرق الأسباب التي يتوصل (٥) بها إلى المطالب.

وهذا ليس على إطلاقه، فإنَّ مدارج الوسائل قسمان: وسائل موصلةٌ إلى عين الرِّضا، فالتعريج على مدارجها معرفةً وعملًا وحالًا وإيثارًا هو محض العبوديَّة. ولكن لا يجعل تعريجه كلَّه على مدارجها، بحيث ينسى بها


(١) روي مرفوعًا من حديث ابن عبَّاس، وهو ضعيف كما تقدم في تخريجه (١/ ١٦٨).
(٢) «المنازل» (ص ٣٦).
(٣) ل، ج، ن: «القُصود»، وهو لفظ مطبوعة «المنازل» و «شرح القاساني» (ص ١٨٥). والمثبت من الأصل وغيره يوافق ما في «شرح التلمساني» (ص ٢١٠).
(٤) ج، ن: «فيتخلَّص».
(٥) ع: «يتوسل».

<<  <  ج: ص:  >  >>