للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّالثة: نارٌ أضرمَها صفوُ المحبّة، فنغَّصَتِ العيشَ، وسَلَبت السُّلوةَ، ولم يُنهنِهْها مَقَرٌّ (٢) دون اللِّقاء).

يريد: أنّ الشّوق في هذه المرتبة شبيهُ النّار التي أضرَمَها صفْوُ المحبّة، وهو خالصها. وشَبَّه (٣) بالنّار لالتهابه في الأحشاء.

وفي قوله: (صفو المحبّة) إشارةٌ إلى أنّها محبّةٌ لم تكن لأجل المنّة والنِّعم, ولكن محبّةٌ متعلِّقةٌ بالذّات والصِّفات.

قوله: (فنَغَّصتِ العيشَ) , أي منعتْ صاحبَها السُّكونَ إلى لذيذ العيش. والتّنغيص قريبٌ من التّكدير.

وقوله: (وسَلبتِ السُّلوة)، أي نَهَبتِ السُّلوّ وأخذتْه قهرًا. والسُّلوة هي الخلاص من كَرْبِ المحبّة, وإلقاءُ حِمْلِها عن الظّهر, والإعراضُ عن المحبوب تناسيًا.

وقوله: (لم يُنَهنِهْها مَقَرٌّ دون اللِّقاء) , أي لم يَكُفَّها ويردَّها قرارٌ دون لقاء المحبوب. وهذه لا يُقاومها الاصطبار, لأنّه لا يَكُفُّها دون لقاء من يحبُّ قرارٌ.

فصل

وقد يقوى هذا الشّوق، ويتجرّد عن الصّبر, فيُسمّى قَلَقًا. وبذلك سمّاه


(١) «المنازل» (ص ٧٤).
(٢) في «المنازل»: «مُعَزٍّ». والمثبت موافق لما في «شرح التلمساني».
(٣) د، ت: «وشبَّهه».

<<  <  ج: ص:  >  >>