للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعارَض بالشّهوة، والخبر يُعارَض بالشّكِّ والشُّبهة. فملاحظة عينِ الجمع تُخلِّص قلبه من هاتين المعارضتين. وهذا هو القلب السّليم الذي لا يُفلِح إلّا من لقي الله به. هذا تفسير أهل الاستقامة (١).

وأمّا أهل الإلحاد فقالوا (٢): المراد بالمعارضات هاهنا الإنكارُ على الخلق بما يبدو منهم من أحكام البشريّة، لأنّ المُشاهِد لعين الجمع يعلم أنّ مراد الله من الخلائق ما هم عليه، وإذا علم ذلك بحقيقة الشُّهود كانت المعارضات والإنكار من رُعونات الأنفس المحجوبة.

وقال قدوتهم في ذلك (٣): العارف لا ينكر منكرًا، لاستبصاره بسِرِّ الله في القدر.

وهذا عينُ الإلحاد والانسلاخ من الدِّين بالكلِّيّة، وقد أعاذ الله شيخَ الإسلام من ذلك. وإذا كان الملحد يُحمِّل كلام الله ورسوله ما لا يحتمله، فما الظّنُّ بكلام مخلوقٍ مثله؟

فيقال: إنّما بعث الله رسلَه وأنزل كُتبَه بالإنكار على الخلق ما هم عليه من أحكام البشريّة وغيرها. فبهذا أُرسِلت الرُّسل، وأُنزِلت الكتب، وانقسمت الدّار إلى دار سعادةٍ للمنكرين، ودار شقوةٍ (٤) للمنكر عليهم. فالطّعنُ في ذلك طعنٌ في الرُّسل والكتب، والتّخلُّص من ذلك تخلُّصٌ من رِبقة الدِّين.


(١) ر: «أهل الحق والاستقامة».
(٢) انظر: «شرح القاساني» (ص ٤٥٠)، و «شرح التلمساني» (ص ٤٥٣).
(٣) هو ابن سينا، قاله في «الإشارات» (ص ٣٦٥) طبعة قم ١٤٢٣. وقد عزاه إليه المؤلف في «شفاء العليل» (ص ٣٩).
(٤) ر: «شقاوة».

<<  <  ج: ص:  >  >>