للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعمل بما يُحِبُّه ويرضاه، وتركُ التّشاغل عنه بما ينقضي ويزول.

فرحمةُ الله على أبي القاسم الجنيد ورضي الله عنه، ما أَتبعَه لسنّة الرّسول - صلى الله عليه وسلم -! وما أقفاه لطريقته وطريقة أصحابه (١)!

وهذا بابٌ يطول تتبُّعه جدًّا، يدلُّك على أنّ أهل الاستقامة في نهاياتهم أشدُّ اجتهادًا منهم في بداياتهم، بل كان اجتهادهم في البداية في عملٍ مخصوصٍ، فصار اجتهادهم في النِّهاية في الطّاعة المطلقة، وصارت إرادتهم دائرةً معها. فيضعُف الاجتهاد في العين، لأنّه قد صار مقسومًا بينه وبين غيره.

ولا تُصْغ إلى (٢) قول ملحدٍ قاطعٍ للطّريق في قالب عارفٍ، يقول: إنّ منزلة القرب تنقُلُ العبد من الأعمال الظّاهرة إلى الأعمال الباطنة، وتحملُه (٣) على الاستهانة بالطّاعات الظّاهرة، وتُرِيحه من القيام بها.

فصل

قوله: (وتُخلِّص من رُعونة المعارضات)، يريد أنّ هذه الملاحظة تُخلِّص العبدَ من رعونة معارضة حكم الله الدِّينيِّ والكونيِّ الذي لم يأمر بمعارضته، فيستسلم للحكمين. فإنّ ملاحظة عينِ الجمع يُشهِده أنّ الحكمين صدرا عن عزيزٍ حكيمٍ، فلا يُعارِض حكمَه برأيٍ ولا عقلٍ ولا ذوقٍ ولا خاطرٍ.

وأيضًا فيُخلِّص قلبَه من معارضات السُّوء للأمر والخبر، فإنّ الأمر


(١) هذه الفقرة ليست في ش، د، ت.
(٢) د: «الا»، خطأ.
(٣) ر: «وتحمل».

<<  <  ج: ص:  >  >>