للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستقيمٍ. لا يفعل ما يفعل من ذلك إلّا بحكمةٍ وعدلٍ ومصلحةٍ. ولو (١) سلَّطكم عليَّ فله من الحكمة في ذلك ما له الحمد عليه، لأنّه تسليطُ مَن هو على صراطٍ مستقيمٍ، لا يظلم ولا يفعل شيئًا (٢) عبثًا بغير حكمةٍ.

فهكذا تكون المعرفة (٣) بالله، لا معرفة القدريّة المجوسيّة، ولا القدريّة الجبريّة نُفاةِ الحِكَم والمصالح والتَّعليل. والله الموفِّق سبحانه وتعالى.

فصل

ولمّا كان طالبُ الصِّراط المستقيم طالبَ أمرٍ أكثرُ النّاس ناكبون عنه، مريدٌ (٤) لسلوك طريقٍ مُرافِقُه فيها في غاية العزّة، والنُّفوسُ مجبولةٌ على وحشة التّفرُّد وعلى الأنس بالرّفيق= نبَّه الله سبحانه على الرّفيق في هذه الطّريق، وأنّهم (٥) هم الذين {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩]، فأضاف الصِّراط إلى الرّفيق السّالكين له، وهم الذين أنعم الله عليهم، ليزول عن الطّالب للهداية وسلوكِ الصِّراط وحشةُ تفرُّده عن أهل زمانه وبني جنسه، وليعلمَ أنَّ رفيقه في هذا الصِّراط هم الذين أنعم الله عليهم، فلا يكترث بمخالفة النّاكبين عنه له، فإنّهم هم الأقلُّون قدرًا، وإن كانوا الأكثرين عددًا، كما قال بعض السّلف:


(١) ش: "فلو".
(٢) "شيئًا" ساقط من ش.
(٣) ش: "يكون فن المعرفة". وفي م: "يكون فس ... " مع علامة الإهمال على السين، ولا معنى له. ويبدو أن كلمة نحوها كانت في ق أيضًا ولكنها محيت.
(٤) كذا بالرفع في جميع النسخ والوجه: "مريدًا" كما في المطبوع.
(٥) ش: "فإنهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>