للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقليدًا أو تأويلًا أو لغير ذلك، فكيف ضاق عن عذرِ من خالف أقوالهم وأقوال شيوخهم لأجل موافقة النُّصوص؟ وكيف نَصَبوا له الحبائلَ، وبَغَوه الغوائلَ، ورَمَوه بالعظائم، وجعلوه أسوأ حالًا من أرباب الجرائم؟ فرَمَوه بدائهم وانسَلُّوا منه لِوَاذًا، وقَذَفوه بمُصَابِهم (١) وجعلوا تعظيم المتبوعين ملاذًا لهم ومعاذًا!

فصل

قال (٢): (ولا يصحُّ ذلك إلّا بأن يعلم: أنّ النّجاة في البصيرة، والاستقامة بعدَ الثِّقة، وأنّ البيِّنة وراء الحجّة).

يقول: إنّ ما ذكرناه من التّواضع للدِّين بهذه الأمور الثّلاثة:

علْمُه أنّ النّجاة من الشّقاء والضّلال إنّما هي في البصيرة، فمن لا بصيرةَ له فهو من أهل الضّلال في الدُّنيا والشّقاءِ في الآخرة (٣).

والبصيرة نورٌ يجعله الله في عين القلب، يُفرِّق به بين الحقِّ والباطل، ونسبته إلى القلب كنسبة ضوء العين إلى العين.

وهذه البصيرة وهبيّةٌ (٤) وكسبيّة، فمن أدام النّظر في أعلام الحقِّ وأدلّته، وتجرَّد لله عن هواه= استنارت بصيرته، ورُزِق فرقانًا يُفرِّق به بين الحقِّ والباطل.


(١) د: «بمصائبهم».
(٢) «المنازل» (ص ٤٧).
(٣) ل: «الأخرى».
(٤) ش، د: «موهبية».

<<  <  ج: ص:  >  >>