للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصول تلك الأسباب. فلو عطِّلت تلك الأسباب لِما فيها من الشرِّ لتعطَّل الخير الذي هو أعظم من الشرِّ الذي في تلك الأسباب. وهذا كالشمس والمطر والرِّياح التي فيها من المصالح ما هو أضعافُ أضعافِ ما يحصل بها من الشرِّ (١)، فلو قدِّر تعطيلها لئلَّا يحصل منها ذلك الشرُّ الجزويُّ لتعطَّل من الخير ما هو أعظم من ذلك الشرِّ بما لا نسبة بينه وبينه.

فصل

ومنها: حصول العبوديَّة المتنوِّعة التي لولا خلق إبليس لما حصلت، ولكان الحاصل بعضَها لا كلَّها. فإنَّ عبوديَّة الجهاد من أحبِّ أنواع العبوديَّة إليه سبحانه. ولو كان الناس كلُّهم مؤمنين لتعطَّلت هذه العبوديَّة وتوابعُها مِن الموالاة فيه سبحانه والمعاداة فيه، والحبِّ فيه والبغض فيه، وبذل النفس له في محاربة عدوِّه، وعبوديَّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعبوديَّة الصبر ومخالفة الهوى، وإيثار محابِّ الربِّ على محابِّ النفس.

ومنها: عبوديَّة التوبة والرُّجوع إليه واستغفاره، فإنَّه سبحانه يحبُّ التوَّابين ويحبُّ توبتهم، فلو عطِّلت الأسباب التي يُتاب منها لتعطَّلت عبوديَّة التوبة والاستغفار.

ومنها: عبوديَّة مخالفة عدوِّه، ومراغمته في الله، وإغاظته (٢) فيه. وهي من أحبِّ أنواع العبوديَّة إليه، فإنَّه سبحانه يحبُّ من وليِّه أن يغيظ (٣) عدوَّه


(١) زيد في ع: «والضرر».
(٢) رُسم في عامَّة النسخ بالضاد.
(٣) في النسخ عدا ع: «يبغض» , والظاهر أنه تصحيف عن «يغيض» كما في ع. و «يغيض» خطأ في رسم «يغيظ» على غرار ما سبق في «إغاظته» آنفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>