للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه المسألة لا تحتاج إلى أكثر (١) من إثبات ربٍّ قائمٍ بنفسه مباينٍ لخلقه، بل هذا نفس ترجمتها.

فصل (٢)

ثمّ المثبتون للخالق تعالى نوعان: أهل توحيدٍ، وأهل إشراكٍ.

وأهل الإشراك نوعان:

أحدهما: أهل الإشراك به في ربوبيّته وإلهيّته كالمجوس ومن ضاهاهم من القدريّة، فإنّهم (٣) يُثبتون مع الله خالقًا آخر، وإن لم يقولوا: إنّه مكافئٌ له. والقدريّةُ المجوسيَّةُ تُثبِت مع الله خالقِين للأفعال، ليست أفعالهم مقدورةً لله ولا مخلوقةً له (٤)، وهي صادرةٌ بغير مشيئته، ولا قدرة له عليها، ولا هو الذي جعل أربابها فاعلين، بل هم الذين جعلوا أنفسهم شائين مريدين فاعلين! فربوبيَّةُ العالم الكاملة المطلقة الشّاملة تُبطِل أقوال هؤلاء كلِّهم، لأنّها تقتضي ربوبيَّتهَ لجميع ما فيه من الذّوات والصِّفات والحركات والأفعال.

وحقيقة قول القدريّة المجوسيّة: أنّه تعالى ليس ربًّا لأفعال الحيوان، ولا تناولتها ربوبيَّتُه، إذ كيف تتناول ما لا يدخل تحت قدرته ومشيئته وخلقه؟ مع أنّ في عموم حمده ما يقتضي حمدَه على طاعات خلقه، إذ هو المعين عليها والموفِّق لها، والذي شاءها منهم، كما قال في غير موضعٍ من كتابه: {وَمَا


(١) ج: "لأكثر" وكذا كان في ق، ل ثم أصلح فيهما. وفي ش: "إلا" ثم بياض بقدر كلمة.
(٢) بإزائه في هامش الأصل: "بلغ مقابلة وقراءة على مصنفه".
(٣) يعني: المجوس.
(٤) ع: "لهم"، تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>