للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: ٣٠، التكوير: ٢٩]. فهو محمودٌ على أن شاءها لهم، وجعلهم فاعليها (١) بقدرته ومشيئته، فهو المحمود عليها في الحقيقة. وعندهم أنّهم هم المحمودون عليها، فلهم الحمدُ على فعلها، وليس لله حمدٌ على نفس فاعليّتها عندهم، ولا على ثوابه وجزائه عليها. أمّا الأوّل، فلأنّ فاعليّتها بهم، لا به. وأمّا الثّاني، فلأنّ الجزاء مستحَقٌّ عليه استحقاقَ الأجرة على المستأجِر، فهو محضُ حقِّهم الذي عاوضوه عليه.

وفي قوله: {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (٢) ردٌّ ظاهرٌ عليهم، إذ استعانتهم به إنّما تكون على شيءٍ هو بيده وتحت قدرته ومشيئته، فكيف يستعين مَن بيده الفعلُ وهو موجده ــ إن شاء أوجده، وإن شاء لم يوجده ــ بمن ليس ذلك الفعلُ بيده، ولا هو داخلٌ تحت قدرته (٣) ولا مشيئته!

وفي قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} أيضًا ردٌّ عليهم، فإنّ الهدايةَ المطلقةَ التَّامَّة هي المستلزمة لحصول الاهتداء، ولولا أنّها بيده تعالى دونهم ما (٤) سألوه إيّاها. وهي (٥) المتضمِّنة للإرشاد والبيان والتّوفيق والاقتدار (٦)


(١) في الأصل: "شاءها لهم منهم لهم فاعليها" مع الضرب على "لهم" الأولى. وكذا "منهم ... " في ل، م، ش، فغيِّر في ل إلى "منهم فهم فاعلوها" كما في ج. وغيِّر في ش إلى "منهم فجعلهم فاعليها"، ونحوه في م والمثبت من ع.
(٢) كذا في الأصل وغيره دون الواو قبلها. وفي ش وردت الآية كاملة.
(٣) ش: "تصرُّفه"، وأشير في هامش م إلى هذه النسخة.
(٤) ع: "لما".
(٥) ل: "فهي".
(٦) ع: "الإقدار".

<<  <  ج: ص:  >  >>