للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالغائب عن عقله وحسِّه وإدراكه. وغايته أن يكون عارضًا من عوارض الطّريق ليس بلازمٍ، فضلًا عن أن يكون غايةً.

ولمّا جعله مَن جعله غايةً مطلوبةً يشمِّر إليها السّالكون دخل بسبب ذلك من الفساد على من شمَّر إليه ما يعلمه الرّاسخون في العلم من أئمّة هذا الشّأن. والله المستعان. والعبوديّةُ المطلوبةُ من العبد بمعزلٍ عن ذلك. وبالله التّوفيق.

قوله (١): (وهو على ثلاث درجاتٍ: جمعُ علمٍ، ثمّ جمعُ وجودٍ، ثمّ جمعُ عينٍ فأمّا جمعُ العلم: فهو تلاشي علوم الشّواهد في العلم اللّدنِّيِّ صِرْفًا. وأمّا جمعُ الوجود: فهو تلاشي نهاية الاتِّصال في عين الوجود مَحْقًا. وأمّا جمعُ العين: فهو تلاشي كلِّ ما تُقِلُّه الإشارة في ذات الحقِّ حقًّا).

علومُ الشّواهد: هي ما حصلت من الاستدلال بالأثر على المؤثِّر، وبالمصنوع على الصّانع. فالمصنوعات شواهدُ وأدلّةٌ وآثارٌ، وعلوم الشّواهد هي المستندةُ إلى الشَّواهد الحاصلة عنها (٢). والعلمُ اللَّدُنِّيُّ: هو العلم الذي يقذفه الله في القلب إلهامًا بلا سببٍ من العبد ولا استدلالٍ، ولذلك سمِّي لَدُنِّيًّا. قال الله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: ٦٥]. والله تعالى هو الذي علَّم العباد ما لم يعلموا، كما قال تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ٥]. ولكنّ هذا العلم أخصُّ من غيره، ولذلك أضافه إليه سبحانه، كبيته وناقته وبلده وعبده ونحو ذلك. فتضمحلُّ العلومُ المستندةُ إلى الأدلّة


(١) «منازل السائرين» (ص ١٠٩).
(٢) «شرح التلمساني» (٢/ ٥٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>