للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبصر به، ويدَه التي يبطش بها، ورِجْلَه التي يمشي بها. فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش (١)، وبي يمشي».

والقلب يتأثّر بالسّماع بحسب ما فيه من المحبّة، فإذا امتلأ من محبّة الله وسمع كلام محبوبه به ــ أي بمصاحبته وحضوره في قلبه ــ فله من سماعه هذا شأنٌ، ولغيره شأنٌ آخر.

فصل

والثّاني (٢) على ثلاثة أقسامٍ:

أحدهم: من اتّصف قلبه بصفات نفسه، بحيث صار قلبه نفسًا محضةً، فغلبتْ عليه آفاتُ الشّهوات ودَواعي الهوى. فهذا حظُّه من السّماع كحظِّ البهائم لا تَسمع إلّا دعاءً ونداءً، والفرق الذي بينها وبينه غير طائلٍ.

القسم الثّاني: من اتّصفت (٣) نفسُه بصفات قلبه، فصارت نفسه قلبًا محضًا (٤)، فغلبت (٥) عليه المعرفة والمحبّة والعقل واللُّبُّ، وعشِقَ صفاتِ الكمالِ، فاستنارت نفسُه بنور القلب، واطمأنّت إلى ربِّها، وقرّتْ عينُها بعبوديّته، وصار نعيمها في حبِّه وقربه. فهذا حظُّه من السّماع مثل أو قريبٌ من حظِّ الملائكة، وسماعه غذاء قلبه وروحه، وقرّة عينه ونعيمه من الدُّنيا،


(١) «وبي يبطش» ليست في ل.
(٢) يقصد به الغير الذي أشار إليه.
(٣) ش، د: «اتصف».
(٤) ل: «محظا»، خطأ.
(٥) ل: «فقلبت».

<<  <  ج: ص:  >  >>