للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (١): (التبتُّل: الانقطاع إلى الله تعالى بالكلِّيَّة. وقوله: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [الرعد: ١٤] أي التجريد المحض).

ومراده بالتجريد المحض: تجريد التّبتُّل عن ملاحظة الأعواض، بحيث لا يكون المتبتِّل كالأجير الذي لا يخدم إلَّا لأجل الأجرة، فإذا أخذها انصرف عن باب المستأجر، بخلاف العبد فإنَّه يخدم سيدَه بمقتضى عبوديَّته لا للأجرة، فهو لا ينصرف عن بابه إلَّا إذا كان آبقًا. والآبق قد خرج من شرف العبوديَّة ولم يحصل له إطلاق الحرِّيَّة، فصار بذلك موكوسًا (٢) عند سيِّده وعند عبيده.

وغاية شرف النفس دخولها تحت رقِّ العبوديّة طوعًا واختيارًا ومحبَّةً، لا كرهًا وقهرًا، كما قيل (٣):


(١) كما في «شرح التلمساني» (ص ١٤٩). ولفظ مطبوعة «المنازل» (ص ٢٥): «قال الله عز وجل: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}، التبتل: الانقطاع بالكلية، وقوله: {إِلَيْهِ} دعوة إلى التجريد المحض». وهذا اللفظ أيضًا أثبته ناسخ ش في الهامش وقال: «كذا في نسخة صحيحة، غير الصورة التي ذكرها الشارح». وذكر القاساني في «شرحه» (ص ١٢٨) أنه في بعض النسخ: «وقوله: {إِلَيْهِ} دعوة الحق إلى التجريد المحض»، والظاهر أنه عن مثل هذه النسخة تصحَّفت العبارة إلى الصورة التي وردت بها عند التلمساني، ثم عند المؤلف. والله أعلم.
(٢) أي: مغبونًا خاسرًا، يقال: وُكِس الرجل في البيع، إذا أصابه خسران ونقص من رأس ماله.
(٣) لم أقف له على قائل، وقد أنشده أيضًا تلميذ المؤلف ابن رجب في «اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى» (ص ١١٤) بلا نسبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>