للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملابسة الأغيار والأعداء في الجهاد والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، ويصولُ حالُ الجمعيّة عنده على الحركة التي يأمر بها العلم، كما صالت حركة الأوّل على السُّكون الذي يأمر به العلم.

قوله: (والوجد على الطّاقة)، يعني: أنّ وجد المحبِّ ربّما غلبَ صبرَه، وصال على طاقته، فصرخَ إلى محبوبه، واستغاث به، حتّى يأتيه النّصر من عنده. بل صُراخُه به واستغاثته به عينُ نصرِه إيّاه، حيث حفظ عليه وجْدَه، ولم يُرَدَّ فيه إلى صبرٍ يَسلُو به ويجفو، فيكون ذلك نوعَ طردٍ.

قوله: (والكشف على همّته)، يعني: أنّ الهمّة تستدعي صدقَ الطّلب ودوامه، والكشف هو الشُّهود، وهو في مظنّةِ فسخ الهمّة وإبطال حكمها، لأنّها تقتضي الطّلب، وهو يقتضي الفتور، لأنّ الطّلب لغائبٍ (١) عن المطلوب، فهمّته متعلِّقةٌ بتحصيله. وصاحب الكشف في حضورٍ مع مطلوبه، فكشفُه صائلٌ على همّته، كما قال بعضهم: إذا بَرَقَتْ بارقةٌ من بوارق الحقيقة لم يَبْقَ معها حالٌ ولا همّةٌ.

وهذا أيضًا عارضٌ مطلوب الزّوال، والبقاء معه انقطاعٌ كلِّيٌّ، فإنّ السّالك في همّةٍ ما دامتْ روحه في جسده، فإذا فارقتْه الهمّةُ انقطع واستحسر.

فصل

(الدّرجة الثّانية: دهشةُ السّالك عند صَولة الجمعِ على رسمه، والسّبقِ على وقته، والمشاهدةِ على روحه) (٢).


(١) ت: «كغائب».
(٢) «المنازل» (ص ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>