للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أجلك قد جعلتُ خَدِّي أرضَا ... للشّامت والحسود حتّى تَرضَى

ومن لم يرضَ بما (١) يُصيبه في سبيل محبوبه فلينزِلْ عن درجة المحبِّ وليتأخَّر، فليس من ذا الشّأن.

فصل

المشهد الخامس: مشهد الإحسان، وهو أرفع ممّا قبله. وهو أن يُقابِل إساءةَ المسيء إليه بالإحسان، فيُحسِن إليه كلّما أساء هو إليه، ويُهوِّن هذا عليه علمُه بأنّه قد ربِحَ عليه، وأنّه قد أهدى إليه حسناتِه، ومحاها من صحيفته، فأثبتها في صحيفة من أساء إليه، فينبغي لك أن تشكره، وتُحسِن إليه بما لا نسبةَ له إلى ما أحسن به إليك.

وهاهنا ينفع استحضارُ مسألة اقتضاءِ الهبة الثّوابَ (٢). وهذا المسكين قد وهبَك حسناتِه، فإن كنتَ من أهل الكرم فأَثِبْه عليها، لتثبتَ الهبة، وتأمنَ رجوعَ الواهب فيها. وفي هذا حكاياتٌ معروفةٌ عن أرباب المكارم وأهلِ العزائم.

ويُهوِّنه عليك أيضًا: علمُك بأنّ (٣) الجزاء من جنس العمل. فإن كان هذا عملك في إساءة المخلوق إليك عفوتَ عنه، وأحسنتَ إليه، مع حاجتك وضعفك وفقرِك وذُلِّك. فهكذا يفعل المحسن القادر العزيز الغنيُّ بك (٤) في إساءتك، يقابلها بما قابلتَ به إساءةَ عبده إليك، فهذا لا بدّ‍منه. وشاهِدُه في


(١) ش، د: «ما».
(٢) «الثواب» ليست في ش، د.
(٣) ل: «فإن».
(٤) «بك» ليست في ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>