للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لأنّه إذا لم يعرف الجاهليّةَ والشِّركَ وما عابه القرآن وذمَّه وقع فيه وأقرَّه، ودعا إليه، وصوَّبه وحسَّنه، وهو لا يعرف أنّه هو الذي (١) كان عليه الجاهليّةُ، أو نظيره، أو أشَرُّ (٢) منه، أو دونه؛ فينتقضُ بذلك عرى الإسلام، ويعود المعروفُ منكرًا والمنكرُ معروفًا، والبدعةُ سنّةً والسُّنّةُ بدعةً؛ ويكفَّر الرّجلُ بمحض الإيمان وتجريد التَّوحيد، ويبدَّعُ بتجريد متابعة الرَّسول ومفارقة الأهواء والبدع. ومن له بصيرةٌ وقلبٌ حيٌّ يرى ذلك عيانًا! فالله المستعان.

فصل

وأمّا الشِّركُ الأصغَرُ, فكيسير الرِّياء، والتَّصنُّع للخلق، والحلِف بغير الله، كما ثبت عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "من حلَف بغير الله فقد أشرك" (٣)، وقولِ الرَّجل للرَّجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وإنَّا بالله وبك، وما لي إلَّا الله وأنت، وأنا متَّكلٌ على الله وعليك، ولولا أنت لم يكن كذا وكذا. وقد يكون هذا شركًا أكبر بحسب حال قائله ومقصده.


(١) ع: "أنه الذي" بإسقاط "هو".
(٢) ش: "أسوأ"، وفي غيرها ما عدا الأصل: "شرٌّ".
(٣) أخرجه أحمد (٥٣٧٥، ٥٥٩٤، ٦٠٧٢) وأبو داود (٣٢٥١) والترمذي (١٥٣٥) وغيرهم من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، ولكن أعله البيهقي (١٠/ ٢٩) بالانقطاع. والمحفوظ ما أخرجه البخاري (٦٦٤٧) ومسلم (١٦٤٦) من حديث ابن عمر بلفظ: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" دون هذه الزيادة. وانظر: تعليق محقق "مسند الفاروق" (٢/ ٢٢٧ - دار الفلاح).

<<  <  ج: ص:  >  >>