للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذكرك) (١). وفي هذه المرتبة ذِكره معه لم ينسَه.

فقال في المرتبة الثّالثة: (ثمّ نسيتَ ذِكرك في ذكره). وهي مرتبة الفناء.

ثمّ قال في المرتبة الرّابعة: (ثمّ نسيتَ في ذكر الحقِّ إيّاك كلَّ ذكرٍ). وهذا الفناء بذكر الحقِّ عبدَه عن ذكر العبد ربَّه.

فأمّا المرتبة الأولى: فهي أوّل درجات الذِّكر، وهي أن تنسى غير المذكور ولا تنسى نفسَك في الذِّكر. وفي هذه المرتبة لم يذكره بتمام الذِّكر، إذ لتمامه مرتبتان فوقه:

إحداهما: نسيان نفسه، وهي المرتبة الثّانية، فيغيب بذكره عن نفسه، فيعدَم إدراكَها بوجدان المذكور.

الثّانية: نسيان ذِكره في ذِكره (٢)، كما سئل ذو النُّون - رحمه الله - عن الذِّكر فقال: غيبة الذّاكر عن الذِّكر، ثمّ أنشد:

لا لأنِّي أنساكَ أُكثِر ذِكرا ... كَ ولكنْ بذاك يَجرِي لساني (٣)

وهذه هي المرتبة الثّالثة.

ففي الأولى فني عمّا سوى المذكور، ولم يَفْنَ عن نفسه. وفي الثّانية فني عن نفسِه دون ذكره. وفي الثّالثة فني عن نفسه وذكْرِه.


(١) ش، د: «في نفسك ذكرك».
(٢) «في ذكره» ليست في ش، د.
(٣) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٠٣). والبيت مع أبيات أخرى لأبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن اليتيم في «جمع الجواهر» (ص ٥٣)، ومن إنشاد سمنون في «عقلاء المجانين» (ص ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>