للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يطيقونها، فنقلهم إلى المقاربة وهي أن يقربوا من الاستقامة بحسب طاقتهم، كالذي يرمي إلى الغرض، فإن لم يصبه يقاربه. ومع هذا فأخبرهم أنَّ الاستقامة والمقاربة لا تنجي يوم القيامة، فلا يركن أحدٌ إلى عمله (١) ولا يرى أنَّ نجاته به، بل إنَّما نجاته برحمة الله وعفوه وفضله.

فالاستقامة كلمةٌ جامعةٌ، آخذةٌ مجامعَ الدِّين، وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصِّدق والوفاء بالعهد. والاستقامة تتعلَّق بالأقوال والأفعال والأحوال والنِّيّات، فالاستقامة فيها: وقوعها لله وبالله وعلى أمر الله.

قال بعض العارفين: كن صاحب الاستقامة، لا طالب الكرامة، فإنَّ نفسك متحرِّكة في طلب الكرامة، وربُّك يطالبك بالاستقامة (٢).

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ــ قدَّس الله تعالى روحه ــ يقول: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة (٣).

فصل

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (٤) في قوله تعالى: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ} [فصلت: ٦]: (إنَّه إشارة إلى عين التفريد).

يريد: أنَّه أرشدهم إلى شهود تفريده، وهو أن لا يروا غير فردانيَّته. وتفريده نوعان: تفريد في العلم والمعرفة والشُّهود، وتفريد في الطَّلب


(١) زاد في ع: «ولا يُعجَب به».
(٢) ذكره القشيري (ص ٤٧٣) عن أبي علي الجوزجاني.
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (١١/ ٢٩٨).
(٤) (ص ٣٢) بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>