للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله: «إنّ الرُّوح إذا قُبِضَ تَبِعَه البصرُ» (١)، وقوله: «إنّ الله قَبضَ أرواحَنا حيث شاء، وردَّها حيث شاء» (٢)، وقوله في حديث قَبْض الرُّوح وصفته: فإن كان مؤمنًا كان كذا وكذا، وإن كان كافرًا كان كذا وكذا (٣). فسمّى المقبوض روحًا، كما سمّاه الله في كتابه نفسًا، وهذا المقبوض والمتوفّى شيءٌ واحدٌ، لا ثلاثةٌ ولا اثنان، وإذا قُبض تبعتْه القوى كلُّها: العقل وما دونه؛ لأنّه كان حامل الجميع ومَرْكبه (٤).

إذا عُرِف هذا، فالمعاينة نوعان: معاينة بصرٍ، ومعاينة بصيرةٍ. فمعاينة البصر: وقوعه على نفس المرئيِّ أو مثالِه الخارجيِّ، كرؤية مثال الصُّورة في المرآة والماء. ومعاينة البصيرة: وقوع القوّة العاقلة على المثال العلميِّ المطابق للخارجيِّ، فيكون إدراكه له بمنزلة إدراك العين للصُّورة الخارجيّة (٥)، وقد يقوى سلطان هذا الإدراك الباطن، بحيث يصير الحكم له، ويقوى استحضار القوّة العاقلة لمدركها (٦)، بحيث يستغرق فيه، فيغلب حكمُ القلب على حكم الحسِّ والمشاهدة، فيستولي على السّمع والبصر، بحيث يراه ويسمع خطابه في الخارج، وهو في النّفس والذِّهن، لكن لغلبة


(١) أخرجه مسلم (٩٢٠) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -.
(٢) رواه مالك في «الموطأ» (٢٦) من حديث زيد بن أسلم مرسلًا، وهو صحيح بشواهده المسندة. انظر: «التمهيد» (٥/ ٢٠٤).
(٣) يشير إلى حديث البراء بن عازب الطويل الذي أخرجه أحمد (١٨٥٣٤)، وأبو داود (٤٧٥٣)، والحاكم في «المستدرك» (١/ ٣٧، ٣٨). وهو حديث صحيح.
(٤) «ومركبه» ليست في ت.
(٥) ت: «الخارجة».
(٦) د: «ليدركها».

<<  <  ج: ص:  >  >>