للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى يُحِبُّ أن يُشْكَر، كما قال موسى (١): «يا ربِّ، هلّا سَوَّيتَ بين عبادك؟ فقال: إنِّي أحبُّ أن أُشْكَر» (٢).

وإذا كان يُحِبُّ الشُّكر فهو أولى أن يتّصف به، كما أنّه سبحانه وِتْرٌ يحبُّ الوتر، جميلٌ يحبُّ الجمال، مُحسِنٌ يحبُّ المحسنين، صَبورٌ يحبُّ الصّابرين، عفوٌّ يحبُّ العفو، قويٌّ والمؤمن القويُّ أحبُّ إليه من المؤمن الضّعيف= فكذلك هو شكورٌ يحبُّ الشّاكرين. فملاحظةُ العبد سبْقَ الفضل تُشهِده صفةَ الشُّكر، وتبعثُه على القيام بفعل الشُّكر. والله أعلم.

فصل

قال (٣): (الدّرجة الثّانية: ملاحظة نور الكشف. وهي تُسبِل لباسَ التّولِّي، وتُذِيق طعْمَ التّجلِّي، وتَعصِم عن (٤) عُوارِ التّسلِّي).

هذه الدّرجة أتمُّ ممّا قبلها، فإنّ تلك الدّرجة ملاحظة ما سبق بنور العلم، وهذه ملاحظةُ كشفٍ بحالٍ قد استولى على قلبه، حتّى شَغَلَه عن الخلق، فأسبلَ عليه لباسَ تولِّيه لله (٥) وحدَه وتولِّيه عمّا سواه.


(١) كذا في النسخ، والصواب أنه آدم عليه السلام كما في مصادر التخريج، وكما ذكره المؤلف في كتاب «الروح» (٢/ ٤٥٧)، و «مفتاح دار السعادة» (١/ ١٦).
(٢) أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد «المسند» (٢١٢٣٢)، والطبري في «تفسيره» (١٠/ ٥٥٧)، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ٣٢٣)، والضياء في «المختارة» (١١٥٨) من طرقٍ عن أُبي بن كعب موقوفًا.
(٣) «المنازل» (ص ٨١).
(٤) ر: «من».
(٥) ر، ت: «الله».

<<  <  ج: ص:  >  >>