للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حضيضها، وربّما يعزُّ عليه أن يحصِّل همّةً أخرى يصعد بها إلى موضعه الذي كان فيه، فأهل الهمم والفِطَن الثّاقبة لا يفتحون من آذانهم وقلوبهم طريقًا إلى ذلك، إلّا ما تقاضاه الأمر، وكانت مصلحتُه أرجح، وما عداه فبطالةٌ وحطُّ مرتبةٍ.

فصلٌ

قال (١): (والطّبقة الثّالثة: طائفةٌ أسرَهم الحقُّ عنهم، فألاح لهم لائحًا أذهلهم عن إدراك ما هم فيه، وهيّمهم عن شهود ما هم له، وضنّ بحالهم على علمهم بمعرفة ما هم فيه، فاستسرُّوا عنهم مع شواهد تشهد لهم بصحّة مقامهم، عن (٢) قصدٍ صادقٍ يهيِّجه غيبٌ، وحبّ صادق يخفى عليه علمُه، ووجد غريب لا ينكشف له (٣) مُوقِدُه، وهذا من أرقِّ (٤) مقامات أهل الولاية).

أهلُ هذه الطّبقة أحقُّ باسم السِّرِّ من الذين قبلهم، فإنّه إذا كانت أحوال القلب ومواهب الرّبِّ التي وضعها فيه سرًّا عن صاحبه، بحيث لا يشعر هو بها، شُغلًا عنها بالعزيز الوهّاب سبحانه، فلا يتّسع قلبُه لاشتغاله به وبغيره، بل يشتغل بمُجريها ومنشئها وواهبها عنها، فهذا أقوى وجوه السِّرِّ، بل ذلك


(١) «المنازل» (ص ٨٦).
(٢) في المنازل: «من».
(٣) سيعيده المؤلف (ص ٥٠) بلفظ: «لصاحبه»، وفي بعض نسخ المنازل: «لهم».
(٤) كذا في ر، وبعض نسخ «المنازل»، وهو الموافق لـ «شرح التلمساني» (ص ٤٧٨). ووقع في ش، د، ت وبعض نسخ المنازل: «أدقّ» بالدال. وسيأتي أيضًا بعد صفحات (ص ٥٢)، والمثبت هو المناسب لشرح المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>