للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفنى عند الشُّهود، وليس المراد بفنائها عدمُها من الوجود العينيِّ، بل عدمها من الوجود الذِّهنيِّ العلميِّ، هذا مرادهم بقولهم: فنِي من لم يكن، وبقِيَ من لم يزل (١).

وقد يريدون به معنًى آخر، وهو: اضمحلال الوجود المحدَث الحاصل بين عدمين، وتلاشيه في الوجود الذي لم يزل ولا يزال.

وللملحد هاهنا مجالٌ يجول فيه (٢)، ويقول: إنّ الوجود المحدث لم يكن له حقيقةٌ، وإنّ الوجود القديم الدّائم وحده هو الثّابت، ولا وجود لغيره، لا في ذهنٍ ولا في خارجٍ، وإنّما هو وجودٌ فائضٌ على الدّوام على ماهيّاتٍ معدومةٍ، فتكتسي بعين وجوده بحسب استعداداتها.

والمقصود شرح كلام الشّيخ. والمراد برعونة الرّسم هاهنا: بقيّةٌ تبقى من صاحب الشُّهود، لا يدركها لضعفها وقلّتها، واشتغالِه بنور الكشف عن ظلمتها، فهو لا يُحِسُّ بها.

فصل

قال (٣): (الدّرجة الثّالثة: استغراق الشّواهد في الجمع، وهذا رجلٌ شمِلَتْه


(١) انظر نقد هذا الكلام في «منهاج السنة» (٥/ ٣٧١ وما بعدها)، و «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٢٤٢).
(٢) ليس المراد بـ «الملحد» هنا التلمساني كما قد يتبادر من اللفظ، فإن هذا الكلام لم يرد في شرحه، بل الذي فيه (ص ٤٩٧) ما نقله المؤلف في الفقرة الآتية من شرح مراد صاحب «المنازل» برعونة الرسم.
(٣) «المنازل» (ص ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>