للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفراسة الصّحابة - رضي الله عنهن - أصدق الفراسة.

وأصلُ هذا النّوع من الفراسة: من الحياة والنُّور اللّذين يهبهما الله لمن يشاء من عباده، فيحيا القلب بذلك ويستنير (١)، فلا تكاد فراسته تخطئ. قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢]. كان ميتًا بالكفر والجهل، فأحياه بالعلم والإيمان، وجعل له بالقرآن والإيمان نورًا يستضيء به في النّاس على قَصْد السّبيل، ويمشي به في الظُّلَم.

فصل

الفراسة الثّانية: فراسة الرِّياضة والجوع والسَّهَر والتّخلِّي، فإنّ النّفس إذا تجرّدت عن العوائق صار لها من الفراسة والكشف بحسب تجرُّدها. وهذه فراسةٌ مشتركةٌ بين المؤمن والكافر، ولا تدلُّ على إيمانٍ ولا على ولايةٍ. وكثيرٌ من الجهّال يَغتَرُّ بها، وللرُّهبان فيها وقائع معلومةٌ. وهي فراسةٌ لا تكشف عن حقٍّ نافعٍ، ولا عن طريقٍ مستقيمٍ. بل كشفها جزئيٌّ من جنس فراسة الوُلاة وأصحابِ عبارة الرُّؤيا والأطبّاءِ ونحوهم.

وللأطبّاء فراسةٌ معروفةٌ مِن حِذْقهم في صناعتهم. ومن أحبَّ الوقوف عليها فليطالع تواريخهم وأخبارهم. وقريبٌ من نصف الطِّبِّ فراسةٌ صادقةٌ يقترِنُ بها تجربةٌ.


(١) ل: «ويستضيء».

<<  <  ج: ص:  >  >>