للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل (١): مثَّل حاله بحال من يراه بعض الملوك لجوامع خصالٍ فيه وخصائص أهلًا لكرامته (٢) وتقريبه، فلا يكون أقربُ منه منزلةً إليه، ولا ألطف محلًّا، فيصطنعه بالكرامة والأثرة، ويستخلصه لنفسه، بحيث يسمع به، ويبصر به، ويطَّلع على سرِّه.

والمقصود: أنَّ الربَّ سبحانه حال بين هؤلاء الضنائن وبين التعلُّق بالخلق، وصرف قلوبهم وهممهم وعزائمهم إليه.

قال (٣): (وهم ثلاث فرقٍ: فرقةٌ قبضهم إليه قبضَ التوقِّي، فضنَّ بهم على أعين العالمين).

هذا الحرف في (التّوقِّي) (٤) بالقاف من الوقاية (٥)، وليس من الوفاة. أي: سترهم على (٦) أعين النّاس وقايةً لهم وصيانةً عن ملابستهم، فغيَّبهم عن أعين الناس، فلم يطلعهم عليهم، وهؤلاء أهل الانقطاع والعزلة عن الناس وقت فساد الزمان، ولعلَّهم الذين قال فيهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «يوشك أن يكون خير مال المرء غنمًا يتبع بها شَعَف الجبالِ ومواقع القَطْر» (٧)، وقوله: «ورجلٌ معتزلٌ في شعبٍ من هذه الشِّعاب، يعبد ربَّه، ويدع الناس من


(١) قاله الزمخشري في «الكشاف» (٢/ ٤٣٤).
(٢) ش، د: «أهل الكرامة».
(٣) «المنازل» (ص ٩٦).
(٤) في ت زيد بعده: «هو».
(٥) وعليه شرحه التلمساني (ص ٥٣٠) والقاساني (ص ٥٣٤).
(٦) ت، ر: «عن».
(٧) أخرجه البخاري (١٩) عن أبي سعيد الخدري، وتمامه: «يفرُّ بدينه من الفتن».

<<  <  ج: ص:  >  >>