للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستحسن شيخ الإسلام ذلك جدًّا، وأثنى على قائله.

إذا تبيّن هذا، فهذه الفرقة الثّالثة رأتْ أنّ هذه الصِّفات ما خُلِقت سدًى ولا عبثًا، وأنّها بمنزلة ماءٍ يُسقى به الورد (١) والشَّوك والثِّمار والحطب، وأنّها صِوَانٌ (٢) وأصدافٌ لجواهرَ منطويةٍ (٣) عليها، وأنّ ما (٤) خاف منه أولئك هو نفس سبب الفلاح والظَّفَر، فرأوا أنّ الكِبْر نهرٌ يُسقى به العلوُّ والفخر والبَطَر والظُّلم والعدوان، ويُسقى به علوُّ الهمّة والأنفة والحميّة، والمراغمةُ لأعداء الله، وقهرُهم والعلوُّ عليهم. وهذه درّةٌ في صَدَفتِه، فصرفوا (٥) مجراه إلى هذا الغِراس، واستخرجوا هذه الدُّرّة من صَدفته، وأبقَوه على حاله في نفوسهم، لكن استعملوه حيث يكون استعماله أنفع.

وقد رأى النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أبا دُجانة يتبختر بين الصّفّين، فقال: «إنّها لَمِشيةٌ يُبغِضها الله إلّا في مثلِ هذا الموضع» (٦). فانظر كيف خَلّى مجرى هذه الصِّفة وهذا الخلقِ يجري في أحسن مواضعه.


(١) ل: «العدد».
(٢) الصوان (بضم الصاد وكسرها): ما يصان به وفيه الأشياء.
(٣) ل: «منظومة»، تحريف.
(٤) «ما» سقطت من ل.
(٥) «فصرفوا» ليست في ش، د.
(٦) أخرجه الطبراني (٦٥٠٨) من حديث خالد بن سليمان بن عبد الله بن خالد بن سماك بن خرشة عن أبيه عن جده. وفي إسناده ضعف، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٦/ ١٠٩): فيه من لم أعرفه. وله طرق أخرى يتقوى بها، وأصل القصة في «صحيح مسلم» (٢٤٧٠) وغيره بدون هذه الزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>