للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنفسك عن شيءٍ، ولا اتَّصلت بنفسك بشيءٍ، بل الأمر كلُّه بيد غيرك، فهو الذي فصلك وهو الذي وصلك.

وأمَّا الملحد فيفسِّر كلامه بغير هذا، ويقول (١): إذا شهدت الحقيقة أرتك أنَّك ما انفصلت من شيءٍ، ولا اتَّصلت بشيءٍ، فإنَّ تلك اثنينيَّةٌ تنافي الوحدة المطلقة.

فانظر ما في الألفاظ المجملة الاصطلاحيَّة من الاحتمال، وكيف يجرُّها كلُّ أحدٍ إلى نحلته ومذهبه؟ ولهذا يقول الملحد (٢): إنَّه ليس هناك اتِّصالٌ ولا انفصال، إنَّما هو في نظر العبد ووهمه، فإذا صار من أهل التَّحقيق علم بعد ذلك أنَّه لا انفصال ولا اتِّصال، ويُنشد في هذا المعنى بيتًا مشهورًا لطائفة الاتِّحاديّة:

فما فيك لي شيءٌ لشيءٍ موافق ... ولا منك لي شيءٌ لشيءٍ مخالفُ

قال (٣): (الثالث: انفصالٌ عن اتِّصال (٤)، وهو انفصالٌ عن شهود مزاحمة الاتِّصال عينَ السبق، فإنَّ الانفصال والاتِّصال على عظم تفاوتهما في الاسم والرسم في العلَّة سيَّان).

الفرق بين هذه الدرجة والتي قبلها: أنَّ ما قبلها انفصالٌ عن سكونه إلى


(١) انظر: «شرح التلمساني» (ص ٥٥٣).
(٢) المصدر السابق (ص ٥٥٣، ٥٥٤).
(٣) «المنازل» (ص ١٠١) و «شرح التلمساني» (ص ٥٥٤) واللفظ له.
(٤) ر: «الاتصال»، وكذا في مطبوعة «المنازل».

<<  <  ج: ص:  >  >>